قبل أسابيع كان هناك تقرير صحفي يصف البريميرليج بأنه ليس تنافسياً بنفس الدرجة التي يتخيلها الجمهور. تذكرت هذا التقرير وأنا أتابع مباراة أرسنال المتصدر وساوثهامبتون الأخير، وكدت أشاهد المباراة من الوضع واقفاً من شدة المنافسة، فقد تقدم ساوثهامبتون في أول دقيقة، ثم تقدم 3/1. ثم عاد أرسنال بالتعادل 3/3.
والحقيقة أن تلك المباراة كانت من ضمن مباريات كثيرة في الدوري الإنجليزي «تنطق بقوة المنافسة وبمتعة هذه المنافسة»، وإلا ما اقتربت إيرادات الأندية المشاركة في البطولة هذا الموسم من ستة مليارات جنيه إسترليني، وما كان البريميرليج هو المسابقة الأكثر مشاهدة في كوكب الأرض.
منطق هؤلاء الذين يرون أن المنافسة في الكرة الإنجليزية ليست بنفس الدرجة التي يراها الجمهور، أنه منذ انطلاق البريميرليج، هناك أربعة أو خمسة فرق تنافس على اللقب، وهي مانشستر يونايتد، وأرسنال، وتشيلسي، وليفربول. وأن مانشستر سيتي يغرد وحيداً في السنوات الخمس الأخيرة تقريباً، حيث فاز بأربعة ألقاب وكان الخامس لليفربول.
ومن منطق هؤلاء أيضاً أن البريميرليج لا يشهد دائماً منافسة رباعية أو ثلاثية على اللقب في كل موسم. وهذا اختصار لمفهوم المنافسة بأنها على المركز الأول فقط، بينما قوة المنافسة يمكن أن تراها في كثير من المباريات، وهو ما يجعله الدوري الأكثر متعة، بينما لا متعة تقريباً في دوريات أوروبية أخرى، مثل ألمانيا بايرن ميونيخ، وفرنسا باريس سان جيرمان، وإسبانيا «الثلاثي» ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد، وحتى إيطاليا حين كان يوفنتوس بطلاً تسع مرات متتالية وسيداً للكالتشيو.
والغريب أن قوة المنافسة بمنطق هؤلاء تفسدها قوة فرق في مراحل معينة. منها يونايتد مع سير أليكسون فيرجسون، ومانشستر سيتي مع «بيب عبقرينو».. والقوة بين الفريقين مختلفة، بفارق الزمن، وبفارق تطور اللعبة، وبفارق فلسفة اللعب. ففي السابق كان يونايتد قوياً باللعب المباشر وبالشراسة في اللعب، وبنجومه في الملعب، وكان ذلك ممتعاً في حينه، والآن يوصف السيتي بأنه أفضل فريق في العالم لما يقدمه من كرة قدم معقدة وممتعة، تجمع مهارات فردية وتحركات تكتيكية صعبة، وأداء جماعياً وكثرة الأهداف، وهو أول فريق يصل للنقطة 100 في البريمير ليج. وهنا يبدو الأمر في حاجة لمناقشة أخرى حول معنى قوة الأداء واقترانه بالمتعة..؟
** غداً الأربعاء يلعب مانشستر سيتى مع أرسنال، في مباراة سوف «تكتم فيها الأنفاس» بسبب شدة المنافسة. ثم تسلط الأضواء على السيتي في طريقه بالبريميرليج، وكأس الاتحاد الإنجليزي، ودوري أبطال أوروبا. وفى حال حقق الثلاثية.. سوف يوصف الدوري الإنجليزي بأنه مسابقة غير تنافسية، وأن السيتي «أقوى مما يجب».. وعجبي؟!